لم يستطع القادة الليبيون، الذين تولّوا السلطة عقب سقوط نظام القذافي استعادة أموال الدولة الليبية، والتي سبق فيها قرار أممي في مارس/آذار 2011 بوضع قيود عليها كعقوبات على حاكم ليبيا السابق.
ومنذ ذلك الحين، تعرّضت أموال الليبيين في الخارج إلى “سطو ممنهج”، من كيانات ومؤسسات غربية. وإلى اليوم لا يُعرف بالضبط حجم الأموال، المجمّدة والمنهوبة. سبق لمسؤولين ليبيين أن صرّحوا في أكثر من مناسبة أنّ حجم تلك الأموال يلامس 200 مليار دولار. ويصرّح مسؤولون بأضعاف هذا المبلغ.
تعرّضت أموال الليبيين، طيلة سنوات، لطرق ممنجهة، مشروعة وغير مشروعة، بهدف الوصول إليها. كان آخرها، محاولة ولي عهد بلجيكا، الأمير لوران، استصدار حكم قضائي، يمنحه تعويضا يصل إلى 50 مليون يورو، من أموال ليبيا المودعة لدى مصرف بلجيكي، بمزاعم إخلال الدولة الليبية بتعاقد مع شركته، يروم تشجير آلاف الهكتارات من الصحراء الليبية.
تبقى محاولة الأمير لوران في النهاية قائمة على أساس قانوني. بالموازاة، لا أحد يضبط الطرق الملتوية التي سلكتها جهات غير معروفة لوضع اليد على تلك الأموال. وفي ذات السياق، هناك تصريحات، غير دقيقة، حول مصادرة الولايات المتحدة ل32 مليار دولار من الأصول الليبية الخارجية، والاتحاد الأوربي 45 مليار يورو.
إنّ ما يزيد من صعوبة حصر أموال الليبيين في الخارج، كون جزء من تلك الأموال كان يضعها القذافي باسمه، وباسم أفراد من عائلته، ومن رجالات نظامه البارزين. وحين سقط النظام، طُمِس الجزء الأكبر من مسارات تلك الأموال.
شكّلت حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا “مكتب استرداد أموال الدولة وإدارة الأصول المستردة”، المعروف اختصارا ب(لارمو). وكان أحد أسباب إنشائها مواجهة عدد من الدعاوى القضائية التي بدأت تتنامى في الفترة الأخيرة، والتي رفعتها دول ومؤسسات، في عدد من دول العالم، قصد الوصول إلى أموال الليبيين.
وبالموازاة، مع كلّ “اللّعاب” الذي أسالته أموال ليبيا المبعثرة في العالم، يعيش المواطن الليبي منذ سنوات صعوبات اقتصادية واجتماعية. فقد بدا واضحا التدهور الذي لحق معيش المواطن الليبي، في وقت تطمح سلطات بلاده إلى رفع إنتاج النفط ليصل 2 مليون برميل يوميا.