للعام الرابع على التوالي، يواجه العراق، البلد الخامس الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي في العالم بحسب الأمم المتحدة، موجة جفاف، ما يفرض على الحكومة الكفاح لتوفير مياه الشرب والري.
ولحفظ ما تبقى من الاحتياطات المائية، تعمل السلطات على تنظيم جذري لبعض الاستخدامات، لا سيما ما هو مخالف منها للقانون والذي كان يتم التساهل معه في الماضي.
في هذا الإطار، أطلقت حملة منذ نهاية أيار/مايو لإغلاق مزارع تربية الأسماك غير المرخصة.
وتعد أزمة المياه في العراق البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، قضية طارئة، إذ إن مستويات الأنهر تراجعت كثيرًا ، لا سيما بسبب سدود تبنيها الجارتان تركيا وإيران على منابع دجلة والفرات، وفق السلطات.
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال “المخزون الاستراتيجي من المياه في العراق (حاليا) هو الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينات القرن الماضي”.
ويقر المسؤول أنه بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية وتراجع معدلات الأمطار، المشكلة أيضًا داخلية، لا سيما “سلوكيات وممارسات الري والزراعة” التي تستهلك الكثير من المياه.
ويضيف “ما زلنا نعيش ثقافة وفرة المياه ولم نغادرها إلى ثقافة شح المياه وترشيد الاستهلاك”.
ويوضح أن “بحيرات الأسماك المتجاوزة أسهمت في زيادة المساحة المعرضة للتبخر وزيادة تخندق وتسرب المياه والملوثات البيئية”.
وأغلقت قرابة نصف الأحواض الخمسة آلاف غير المرخصة التي كانت موجودة في العراق، وفق شمال الذي انتقد وجود “أحواض أسماك (غير مرخصة) لا تدفع ضرائب ورسوما وضمانا”، معتبرًا أن “ردمها واجب وطني”.
وعلى الرغم من تأييده إغلاق الأحواض المخالفة، تساءل رئيس جمعية صيادي ومربي الأسماك في العراق أياد الطالبي خلال لقاء بثته قناة “الإخبارية” الحكومية “هل استثمرت المياه التي أوقف استخدامها لتربية الأسماك؟”.
وذكر الطالبي بأن “العراق كان ينتج 900 ألف إلى مليون طن من الأسماك سنويًا”، لكن بعد حملة السلطات، انخفض الإنتاج إلى 190 ألف طن.
وأضاف أن قطاع الأسماك كان يوظف مليوني شخص، محذرًا من أن “هذه العائلات كلها ستهاجر إلى المدينة”.
ويشير المتحدث باسم وزارة الموارد المائية إلى أن السلطات قد تسمح “مستقبلًا بالأحواض أو الأقفاص العائمة ضمن مسار النهر” لتربية الأسماك، لأن “استهلاكها للمياه أقل”.
في جنوب العراق، يشكل ارتفاع ملوحة المياه التحدي الحقيقي للصيادين في شط العرب، النهر الذي يلتقي فيها دجلة والفرات قبل أن يصب في نهر الخليج.
وخلال كل موسم صيف، يتراجع تدفق المياه العذبة القادمة من شمال البلاد مقابل تزايد المد البحري المالح، ما يؤدي إلى الاختلال في النظام البيئي