في بيان صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، أكدت فيه تمسكها بما وصفته بـ “المبادئ الأساسية” التي توجه العمل الجماعي للدول داخل الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك رفض التغييرات غير الدستورية للحكومات.
يأتي هذا البيان في سياق الأحداث التي تعيشها دولة النيجر جراء الانقلاب العسكري على حكومة بازوم المنتخبة بطريقة ديمقراطية. وقد حذرت الجزائر منذ بداية الأحداث الانقلابية التي يعيشها هذا البلد من محاولات التدخل العسكري الأجنبي واعتبرتها عوامل تزيد من حدة وخطورة الأزمة.
كما دعت في ذات البيان إلى وضع حد فوري لما وصفته بـ “الاعتداء على النظام الدستوري” والانتهاك الخطير لمقتضيات سيادة القانون.
وفي بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية، أكد فيه الرئيس تبون ورئيس بنين باتريس تالون، تمسكهما القوي بضرورة عودة النيجر إلى النظام الدستوري وإعادة بازوم لمنصبه كرئيس منتخب بطريقة شرعية وديمقراطية في البلاد، وفقًا لما ورد في ذات البيان.
نقلًا عن وكالة الأنباء الجزائرية، قالت في خبر لها إن وزير الخارجية الجزائري أجرى اتصالًا مع نظيره النيجري؛ أكد من خلاله دعم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وتضامنه في هذه المحنة الصعبة التي تمر بها النيجر.
مخاوف جزائرية من تطور الأوضاع
في ظل تطور الأوضاع في النيجر، يرى محللون أن التحرك السريع للدبلوماسية الجزائرية يعود إلى عدة تخوفات وتكهنات تترتب عليها تداعيات خطيرة على المنطقة. خاصة وأن النيجر هي دولة مجاورة للجزائر في الجنوب الشرقي، وبالتالي فإن أي تصاعد آخر للتوترات سيكون له تأثيرات خطيرة وفقًا لخبراء، خاصة أن منطقة الساحل تشهد إنفلاتًا أمنيًا كبيرًا. هذا سيتسبب في تحمل الجزائر أعباء أمنية كبيرة على قواتها العسكرية على طول الحدود الجنوبية مع مالي والنيجر، والشرقية مع ليبيا.
ويعتبر البعض أن إضعاف النيجر أمنيًا وسياسيًا سيعطي فرصة للجماعات الإرهابية لزيادة تسلحها، مما يتسبب في المزيد من عدم الاستقرار والتأثير السلبي على أمن المنطقة.
ويبقى التخوف الأكبر للجزائر هو تحول المنطقة إلى مسرح للحروب بالوكالة نيابة عن قوى دولية قديمة وأخرى صاعدة، مما يؤدي إلى إضعاف الدور الإقليمي للجزائر.
وضع سياسي يلفه الغموض
شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في آخر تصريح له خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، على أهمية الحل السلمي وعبّر عن رفضه القاطع لأي تدخل عسكري محذرًا من أن ذلك قد يشعل منطقة الساحل الأفريقي. وأضاف بأنهم مستعدون لتقديم المساعدة للنيجر، معلنًا أن الجزائر لن تستخدم القوة ضد جيرانها.
كما ذكر بلاغ للخارجية الجزائرية يوم أمس، أن عطاف أجرى اتصالًا مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيب بوريل؛ حيث شدد على ضرورة توحيد الضغوط السياسية والدبلوماسية لضمان عودة النيجر إلى النظام الدستوري. واعتبر أن ذلك لن يتحقق إلا بعودة بازوم لمنصبه كرئيس شرعي للبلاد.
وقد أكدت الجزائر، على لسان وزير خارجيتها، قناعتها بضرورة إعطاء الأولوية للمسار السياسي والدبلوماسي، معتبرة أن اللجوء إلى القوة لن يحقق الاستقرار وسيزيد من تدهور الأوضاع على المستوى المحلي والإقليمي.
خيارات الجزائر
تبقى الجزائر ملتزمة حتى الآن بمواقفها الصريحة تجاه النيجر، وتواصل التواصل مع شركائها في القارة لإيجاد حلول دبلوماسية وسياسية للقضية المجاورة. يرون خبراء أن الجزائر لن تغيّر مواقفها تجاه هذه القضية بناءً على مصالحها، وأنها مستعدة للمشاركة في أي تسوية تهدف لإيجاد حل سلمي.
ويرى البعض أن القوات المسلحة الجزائرية يمكن أن تستخدم دبلوماسيتها العسكرية الإفريقية لدعم عمليات السلام والاستقرار، مما يساعد على تخفيف حدة الأزمة في المنطقة. وسيظل أي تصاعد للتوترات يؤثر على المنطقة بأكملها، بالتالي فإن الجزائر تتحمل دورًا هامًا في تجنب تفاقم الأوضاع والحفاظ على الاستقرار.
استبعاد فكرة التدخل العسكري
تبقى فكرة التدخل العسكري في النيجر استبعادها من قبل الجزائر، بسبب الصعوبات العديدة والإعتبارات التنظيمية والعسكرية. القوة ليست الخيار الوحيد بالنسبة لحل أي مشكلة تواجه دولة، وهناك خيارات أخرى تتمثل في التفاوض والتواصل السلمي لإيجاد حلول تخدم مصالح الأطراف المعنية دون اللجوء إلى السلاح.
يرى محللون أن اتخاذ أي قرار بشأن استخدام القوة العسكرية في النيجر سيتطلب موافقة القيادة العسكرية الجزائرية على كل العناصر اللازمة لذلك. كما يجب على هذه المؤسسة العسكرية أن تحتفظ بقدراتها الرئيسية، من أجل مواجهة أي تهديد فرنكو-نيجيري بالقوة الاستخباراتية والعسكرية، وذلك في إطار الجاهزية المستدامة للقيادة الإقليمية الجزائرية.