بعد ساعات من توقف بثّ “تلفزيون لبنان” الحكومي، عادت الشاشة إلى برمجتها المعتادة.
وكان الموظفون أعلنوا الإضراب، بسبب تأخّر الدولة عن تسديد الرواتب والمستحقات المالية لقرابة عامين.
واختفى بث القناة بالكامل الجمعة، وسط تضارب في المعلومات حول نية وزارة الإعلام إقفال التلفزيون نهائياً، لعدم توفر الأموال اللازمة لتشغيله.
وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد المكاري أكد أنه لم يصدر أي قرار بإقفال القناة.
وجاء في بيان عن مكتبه أنه “اتّخذ قراراً بتجميد البثّ”، في ظل إصرار “نقابة مُستَخدمي تلفزيون لبنان” على وقف بث البرامج، و”استخدام الشاشة العامة وسيلة لبث البيانات الصادرة عنها حصراً، الأمر الذي يكبد خزينة الدولة نفقات كبيرة غير منظورة”.
وقال البيان إن الوزير يبذل جهوداً لتأمين المستحقات المالية المتأخرة للموظفين، ومن بينها الاستحصال على قرار بتأمين أربعة رواتب متأخرة.
من جهتها، قالت نقابة موظفي التلفزيون إنها كانت تتجه إلى تعليق الإضراب كبادرة حسن نية، “على رغم تحصيل جزء يسير من مستحقاتهم إلا أنها فوجئت بالتصعيد المستغرب من قبل الوزير المكاري الذي طالب بوقف البث كلياً وعدم صرف الأموال إلا بحالة وقف الإضراب أولاً”.
وبعد مفاوضات، عاد بث القناة مساء الجمعة، مع خشية من أن يكون السجال الحالي حول مستقبل القناة، مقدمة حقيقية لخصخصتها أو إقفالها بالكامل.
وتأثر موظفو التلفزيون الحكومي، كغيرهم من موظفي القطاع العام في البلاد، بتبعات الانهيار المالي الذي يعصف بلبنان منذ عام 2019، مع انهيار العملة المحلية، وتبخر قيمة الرواتب.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لم يحصل موظفو “تلفزيون لبنان” على أي من مستحقاتهم.
وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، مع إعلان الموظفين نيتهم الإضراب، صدر قرار عن وزارة المال بصرف رواتب وتقديمات لهم، لكن القرار لم ينفذ عملياً بعد، بسبب إعادة هيكلة الموازنة، وذلك ما دفع الموظفين إلى المضي بإضرابهم.
وفي ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، بعد أشهر من خلو سدة الرئاسة، وبما أن الحكومة في لبنان حالياً هي حكومة تصريف أعمال، لا توجد جهة تمتلك صلاحية إصدار قرار بإقفال التلفزيون الحكومي بشكل نهائي، لكن تجميد البث بات أمراً واقعاً، بانتظار حل للأزمة.
مصير بث “تلفزيون لبنان” معلق إذاً، كمصير معظم القطاعات في بلد لم يتعاف بعد من أضخم أزمة مالية في تاريخه، مع تعاقب الخضات الأمنية والسياسية فيه.
وإضراب موظفي “تلفزيون لبنان” ليس الأول من نوعه، لكن تجميد البث يعد حدثاً نادراً في تاريخ القناة صاحبة التاريخ العريق، والمحاطة بحنين وتقدير كبيرين في ذاكرة اللبنانيين.
فهذه هي المرة الثانية التي يغيب فيها بث التلفزيون، بعد إقفاله المؤقت عام 2001، وصرف جميع موظفيه الذي فاق عددهم حينها الـ 500 موظف.
يومها، واجهت الشاشة الحكومية منافسة القنوات الخاصة، وشحت مواردها المالية والإعلانية، فصدر قرار من مجلس الوزراء برئاسة رفيق الحريري، بإقفالها لمدة ثلاثة أشهر بهدف “إعادة تنظيمها”.
لكن تلك المدة لم تكن كافية للنهوض بالتلفزيون كما يجب، فأعيد البثّ على عجل، ومنحت القناة موازنة ضئيلة جداً لا تكفي لوضعها على خريطة المنافسة.