بعد طول انتظار، تسلمت السلطات اللبنانية تقرير التدقيق الجنائي الذي أعدته شركة “الفاريز ومارشال” في حسابات المصرف المركزي بين العامي 2015 و2020.
وكشف التقرير الذي تقاضت عنه الشركة نحو 2,5 مليون دولار لإعداده، وانتشرت مقتطفات منه خلال اليومين الماضيين، مكامن الهدر والفساد في المصرف المركزي والارتكابات في مجال الإنفاق، معطوف عليها الصلاحيات المطلقة التي كان يتمتّع بها الحاكم السابق رياض سلامة وسط غياب تام لأعضاء المجلس المركزي في المشاركة في اتخاذ القرارات.
كما بين أيضا كيف تلاعب سلامة بالأرقام ليظهر أرباحا وهمية للمصرف المركزي وكيف وزع بطريقة “انتقائية” وبأهداف غير اقتصادية الأموال العامة على المقربين منه وسياسيين من قوى متعددة وصحافيين فضلا عن نفقات “خيالية” للحاكم هي عبارة عن بدل سفر وحضور مؤتمرات وشراء أثاث وتجهيزات لمكتبه في مبنى هيئة الأسواق المالية ومكاتب مدراء تنفيذيين في المصرف المركزي.
التقرير الجنائي أظهر كيف أن إدارة المصرف المركزي كانت تستند إلى تنفيعات أكثر مما هي سياسة مالية ذات معايير واضحة، على عكس إدارة المصارف المركزية في العالم، وهذا كلف الاقتصاد اللبناني تكاليف باهظة.
ولعل اللافت في “توقيت” الإفراج عن هذا التقرير أنه أتى بعد خروج سلامة من حاكمية مصرف لبنان التي تربع على عرشها ثلاثين عاماً وتزامنه أيضاً مع فرض عقوبات ثلاثية، أميركية، بريطانية وكندية على سلامة وأعوانه، وهو ما فسّره محللون “تخوف” القوى السياسية من أن يلاحقهم سيف العقوبات.
ومع تسلم الحكومة ورئاسة مجلس النواب نسخة عن التقرير، تتجه الأنظار إلى السلطة القضائية التي تحاكم سلامة بتهم اختلاس وهدر أموال عامة، وحدد يوم 29 أغسطس/آب الجاري موعداً لجلسة جديدة للاستماع إليه في هذا الشأن أمام الهيئة الاتهامية في وزارة العدل.