في وقت تتحدث أرقام رسمية في مصر عن عدم وصول نسبة 26.5 في المائة من مياه الشرب المنتجة في البلاد إلى المستهلكين خلال العام المالي 2021 – 2022، تؤكد المهندسة مي الأبراش المتخصصة في الحفاظ على التراث، والتي تنفذ مع فريقها تحاليل للمياه الراكدة أسفل الآثار في أماكن عدّة بين منطقتي الخليفة والإمام الشافعي في القاهرة الفاطمية، وجود تسرّب في شبكات المياه التي تغذي أكثر من 20 مليون شخص في القاهرة، ثاني أكبر عاصمة في أفريقيا.
تقول: “أكدت كل نتائج التحليلات أن مياه شرب تختلط بمياه الصرف الصحي”، فيما يعتقد خبراء آخرون بأن مصر المهددة بعدم امتلاك مياه بحلول عام 2025، بحسب ما تقوله الأمم المتحدة، تفقد نسبة مياه شرب أكبر من تلك المعلنة.
ويعلق الخبير في إدارة المياه والباحث في جامعة فاغينيتغين الهولندية، حسن توفيق، بأن “إنتاج الشركة العامة للمياه لا يتطابق مع حجم الاستهلاك”، ما يعني أن هناك نسبة مفقودة، علما أن ما يسميه الخبراء بـ”المياه غير مدفوعة الثمن” تتسبب بخسارة عشرات المليارات المكعبة من المياه في العالم.
ويقول: “يحدث التسرّب لأن شبكات الأنابيب متهالكة ومليئة بثقوب، كما أن هناك سرقة للمياه عبر أنابيب فرعية عشوائية مربوطة بالشبكة العامة”.
وفيما ترفض شركة المياه والصرف الصحي التعليق على هذه المعلومات، تشرح الأبراشي أن التسرب يحدث في أنابيب فرعية داخل الأحياء، وليس أنابيب رئيسية تراقب بانتظام”.
ويزداد الوضع سوءاً في منطقتي السويس وبورسعيد على قناة السويس (شرق)، إذ يصل حجم الفاقد إلى ثلثي الإنتاج، بحسب أرقام رسمية.
ويعتبر توفيق أن هدر المياه غير مقبول في بلد يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ويقول: “ليس لدى مصر فائض أموال كي تتحمل تكلفة إنتاج مياه لا يستخدمها أحد، كما أن كل قطرة مياه فيها مهمة في وقت يبلغ نصيب الفرد من سكانها 550 مترا مكعبا سنويا، أي أقل مرتين من الحد الأدنى للأمان المائي”.
ويؤكد توفيق أن إصلاح الشبكات الفرعية التي توصل المياه إلى المنازل والمستشفيات والبنى التحتية الأخرى تكلف مليارات، أما الأبراشي فتعتقد بأنه يمكن تقليل تكلفة إصلاح الأنابيب إذا جرى تحديد أماكن التسرب بدقة.