في تصريحات مثيرة للجدل، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يوم الإثنين أن فرنسا قد تدرس إمكانية السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ فرنسية لضرب أهداف روسية، مشيراً إلى أن ذلك “يبقى خياراً مطروحاً” في إطار الدعم المستمر لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. وأوضح بارو، لدى وصوله إلى بروكسل لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن هذا الخيار يمكن أن يكون ضمن التدابير الدفاعية التي تشمل السماح بضرب المواقع الروسية التي تنطلق منها الهجمات على الأراضي الأوكرانية.
وتابع الوزير الفرنسي قائلاً: “كما أوضح الرئيس إيمانويل ماكرون في مايو الماضي، هذا خيار يمكننا التفكير فيه إذا كان يستهدف أهدافاً روسية تُهدد الأمن الأوكراني”. وأضاف بارو أن لا جديد في هذا الموضوع، في إشارة إلى مواقف سابقة لفرنسا التي أكدت على دعمها لأوكرانيا، مع الإبقاء على الحذر فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الفرنسية في الهجمات ضد روسيا.
ألمانيا تؤيد تكثيف الدعم لأوكرانيا
في وقت لاحق، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن تأييدها لتقارير أفادت بأن الرئيس الأميركي جو بايدن قد سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية طويلة المدى لضرب أهداف في العمق الروسي. وقالت بيربوك في تصريحات إذاعية إن هذا القرار يهدف إلى “تمكين الأوكرانيين من تدمير قواعد الإطلاق العسكرية التي تستهدف أراضيهم”، مشددة على أن هذا يأتي في إطار حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد العدوان الروسي.
وتناغمت تصريحات بيربوك مع موقف العديد من الدول الأوروبية، حيث أكدت أن الحلفاء في أوروبا، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، يتبنون وجهة نظر موحدة تقريباً حول ضرورة تقديم دعم عسكري متواصل لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي. وأضافت بيربوك: “إذا كانت بعض المواقع في أوكرانيا قريبة جداً من الحدود مع روسيا، فإن الدفاع الجوي يصبح غير فعال بسبب سرعة الصواريخ”.
تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا
في المقابل، أثار القرار الأميركي بتمكين أوكرانيا من استخدام صواريخ “أتاكمز” الأميركية لمهاجمة أهداف روسية ردود فعل غاضبة في موسكو، حيث اعتبرت روسيا أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى توسيع نطاق الصراع بشكل خطير. ففي تصريحات سابقة، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد الأراضي الروسية “سيغير بشكل جذري طبيعة الصراع”، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا والغرب.
وفي ذات السياق، عبر أعضاء في البرلمان الروسي عن قلقهم البالغ من تداعيات هذا القرار. فقد حذر أندريه كليشاس، عضو مجلس الاتحاد الروسي، من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى “تدمير أوكرانيا بالكامل”. كما وصف فلاديمير جباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس، هذا التصعيد بأنه “خطوة كبيرة نحو بداية الحرب العالمية الثالثة”.
وأضاف جباروف في تصريحاته لوكالة “تاس” الروسية أن هذه التطورات تمثل “تصعيداً غير مسبوق” في النزاع، وأن رد فعل موسكو سيكون “فورياً وقوياً”.
مخاوف من تصعيد غير مسبوق
وسط هذه التصريحات المتباينة، يبقى القلق حول التصعيد العسكري في أوكرانيا في تزايد مستمر، مع تحذيرات متزايدة من حدوث تصادم مباشر بين القوى النووية الكبرى. ويشدد المسؤولون الروس على أن السماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ طويلة المدى سيكون له تداعيات كارثية على استقرار الأمن الأوروبي والعالمي، بينما يواصل الغرب دعمه لكييف في حربها ضد ما وصفوه بـ “العدوان الروسي”.
وفي الأثناء، يظل العالم في حالة ترقب حول الخطوات التالية في هذا الصراع، وما إذا كان هذا التصعيد العسكري قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في مسار الحرب أو حتى في التوازنات الدولية.