في أول مقابلة له منذ توليه منصب رئيس سوريا، قدم الرئيس أحمد الشرع رؤيته لإعادة بناء سوريا “المحطمة والمتصدعة والمفلسة”. وطرح خلال اللقاء مع مجلة “إيكونوميست” البريطانية مجموعة من التصورات والأهداف التي يسعى لتحقيقها في الفترة القادمة، مشيراً إلى التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد.
تعهدات الرئيس: حكومة جديدة وديمقراطية
بدأ الشرع المقابلة بتوضيح خططه لتشكيل حكومة جديدة في غضون شهر، مؤكدًا أن هذه الحكومة ستكون “واسعة ومتنوعة” وتعكس مختلف مكونات المجتمع السوري. كما وعد الشرع بإجراء انتخابات رئاسية، موضحًا أن سوريا تسير نحو “الديمقراطية” حيث سيختار المواطنون من يحكمهم ومن يمثلهم في البرلمان. إلا أن المجلة أكدت أن تنفيذ هذا الوعد قد يستغرق 3 إلى 4 سنوات.
إعادة بناء السلطة المركزية
أحد أبرز محاور رؤية الشرع كان إعادة إنشاء سلطة مركزية قوية في سوريا، وتوحيد الجيش السوري. وأكد أن جميع المليشيات المسلحة قد تم حلها، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام”، وأن أي شخص يحتفظ بسلاح خارج سيطرة الدولة سيكون عرضة لتدابير لم يحدد تفاصيلها. ولكن، نوهت المجلة إلى أن الميليشيات المسلحة، التي كانت جزءًا من القوى الفاعلة في البلاد، لا تزال تمثل عقبة كبيرة أمام تنفيذ هذه الخطط.
التحديات الأمنية والاقتصادية
على الرغم من تعهداته بإعادة بناء الدولة، إلا أن الشرع يواجه تحديات كبيرة على الأصعدة الأمنية والاقتصادية. فقد أشار إلى أن هناك مناطق واسعة في سوريا ما زالت خارج سيطرة الحكومة، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد. كما أكد أن الوضع الاقتصادي في البلاد يواجه صعوبات شديدة بسبب نقص الكهرباء وأزمة السيولة المالية، ما يهدد استقرار الوضع الداخلي.
الموقف من القوى الخارجية
فيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في سوريا، وصفه الشرع بـ”غير القانوني”، كما أكد على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي السورية. كما رحب بمفاوضات مع روسيا بشأن قواعدها العسكرية في سوريا، وفي المقابل، حذر من تقدم إسرائيل في الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، معتبراً أن ذلك قد يتسبب بالكثير من المشاكل في المستقبل.
المفاوضات مع الأكراد: التحديات المستقبلية
فيما يخص الأكراد، أشار الشرع إلى أنه لا يتوقع نجاحًا كبيرًا في المفاوضات معهم، مستبعدًا فكرة تطبيق النظام الفيدرالي في المناطق التي يسيطرون عليها. ويبدو أن الأكراد، الذين يمتلكون موارد مهمة مثل حقول النفط والأراضي الزراعية، غير مستعدين للاعتراف بحكمه.
إيمان بالسلام وعلاقات مع الغرب
أشاد الرئيس الشرع بالدور الذي قد تلعبه الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، في عملية إعادة بناء سوريا. وأشار إلى أهمية التعاون مع الدول الغربية في إطار السلام الإقليمي، منوهًا إلى أنه يخطط لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن. كما عبر عن تقديره لجهود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السعي للسلام في المنطقة.
الاقتصاد وإعادة الإعمار: دعوة للاستثمار الخارجي
أقر الشرع بأن أكبر تحدٍ اقتصادي يواجهه هو عملية إعادة الإعمار، حيث تحتاج سوريا إلى دعم خارجي من دول مثل قطر والسعودية، إضافة إلى ضرورة معالجة أزمة السيولة المحلية. في هذا السياق، لفتت المجلة إلى زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني لدمشق، وزيارة الشرع للسعودية، مؤكدة أن سوريا بحاجة إلى استثمارات ضخمة لتجاوز الأزمات الاقتصادية.
الشريعة الإسلامية وتطبيقها في الحكومة
من جهة أخرى، تحدث الشرع عن موقفه من الشريعة الإسلامية، موضحًا أن دور الحكومة في حال وافقت على تطبيق الشريعة سيكون تنفيذها، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه سيكون مسؤولاً عن إنفاذها حتى لو لم توافق عليها الحكومة المؤقتة. وأضاف أن تشكيل الأحزاب السياسية سيكون من اختصاص اللجنة الدستورية، وأنه يعمل على توفير فرص عمل للنساء في مختلف المجالات.
ختام المقابلة: صورة الرئيس الشرع
في ختام المقابلة، علقت المجلة على مظهر الشرع المتغير حسب المقام، مشيرة إلى أنه يختار ملابسه بعناية من بدلات عسكرية إلى أخرى مدنية، ما يعكس محاولاته تقديم نفسه بشكل يتناسب مع مختلف الأدوار السياسية والاجتماعية التي يتبناها في المرحلة الراهنة.
ورغم الإحباط الذي يواجهه الشرع من بعض الأطراف الداخلية والدولية التي لا تعترف به كرئيس شرعي لسوريا، إلا أن طموحاته المستقبلية ورؤيته لإعادة بناء سوريا تلقي بظلالها على خطط الحكم التي يضعها في ظل الواقع المعقد والمتشابك الذي تعيشه البلاد.