في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، أعلن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عن بدء مساعٍ جادة لإنهاء النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا. جاء هذا الإعلان بعد مكالمة هاتفية مطولة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حيث أكد ترامب أنه اتفق مع بوتين على ضرورة إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن. وأضاف ترامب أنه سيعقد لقاء مع بوتين في المملكة العربية السعودية في خطوة تهدف إلى وضع حد لسفك الدماء في الحرب التي وصفها بـ “الكارثية والفظيعة”.
محادثات ترامب وبوتين: تحوّل في مسار الحرب
وصف ترامب الاتصال الذي استمر لما يقرب من ساعة ونصف بالـ”إيجابي جدًا”، مشيرًا إلى وجود رغبة مشتركة بينه وبين بوتين للبحث عن حل سياسي للنزاع. وقال ترامب: “الرئيسان بوتين وزيلينسكي يريدان السلام، وأنا كذلك. يجب أن نشهد نهاية لهذه الحرب، وسيكون من الجيد إنهاؤها بشكل عاجل”.
لم تكن هذه المكالمة مجرد محادثة دبلوماسية، بل شكلت أول تواصل رسمي بين ترامب وبوتين منذ أكثر من أربع سنوات، مما يعكس تحركًا جديدًا قد يكون له تأثير كبير على مسار الأزمة الأوكرانية. في هذا السياق، أكد الباحث السياسي، رولاند بيغاموف، في تصريحات لـ”أميركا اليوم” على “سكاي نيوز عربية”، أن هذه الخطوة تعيد فتح قنوات الحوار بين البلدين بعد فترة من القطيعة السياسية.
السعودية كمكان للقاء: أهمية الوساطة الدولية
أثار إعلان ترامب عن نيته لقاء بوتين في المملكة العربية السعودية اهتمامًا واسعًا، خاصة في ظل دور السعودية البارز كوسيط دبلوماسي في العديد من النزاعات الإقليمية والدولية. ويعكس اختيار السعودية كمكان لهذا اللقاء “تغيرًا في طبيعة الوساطة الدولية”، وفقًا لما صرح به المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، جوناثان واتشيل، الذي أضاف أن الرياض أصبحت لاعبًا رئيسيًا في الدبلوماسية العالمية.
من جانب آخر، يعتقد واتشيل أن إدارة ترامب، في حال عودتها للبيت الأبيض، قد تعتمد نهجًا جديدًا في التعامل مع روسيا، وهو ما قد يختلف تمامًا عن سياسات إدارة بايدن.
أوكرانيا بين الضغط والتفاوض: زيلينسكي في مواجهة تحديات جديدة
من جهة أخرى، لم يكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعيدًا عن هذه التطورات، حيث أشار إلى أنه أجرى محادثات مع ترامب حول فرص تحقيق السلام، مؤكدًا أنهما اتفقا على “المحافظة على الاتصالات والتخطيط للقاءات قادمة”.
ومع ذلك، يواجه زيلينسكي تحديًا كبيرًا في التعامل مع هذا المسار الجديد، خاصة في ظل الدعم الأميركي المستمر لكييف، والذي بدأ يشهد تراجعًا بسبب الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها الولايات المتحدة وأوروبا. ويعلق واتشيل قائلاً: “لقد مر أكثر من ثلاث سنوات على الحرب، والتكلفة البشرية والمادية باتت هائلة. هناك رغبة أميركية وأوروبية واضحة في إنهاء هذا النزاع، لكن السؤال الأكبر هو: بأي ثمن؟”
موسكو وتفاؤل حذر: هل يعود ترامب إلى سدة الحكم؟
في المقابل، أبدت موسكو ارتياحًا نسبيًا تجاه تصريحات ترامب، لكنها في الوقت ذاته كانت حذرة في تفاؤلها. ويرى بيغاموف أن “السبب الرئيسي لهذا الارتياح هو أن نهج ترامب يختلف بشكل كبير عن نهج إدارة بايدن، الذي كان أكثر عدائية تجاه موسكو”. مع ذلك، أضاف بيغاموف أن “روسيا لا تعتبر ترامب حليفًا، بل تدرك أنه رجل أعمال يسعى لتحقيق مصالح الولايات المتحدة أولاً وقبل كل شيء”.
هل ينجح ترامب في إنهاء الحرب؟
رغم التفاؤل الذي يحيط بمبادرة ترامب، فإن هناك العديد من العقبات التي قد تقف في طريق نجاحها، أبرزها الموقف الأوروبي المتشدد من روسيا، بالإضافة إلى مطالب أوكرانيا باستعادة أراضيها. ويؤكد واتشيل أن “ترامب قد يكون قادرًا على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنه سيواجه تحديات كبيرة في إقناع جميع الأطراف بحل نهائي”.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستكون هذه المبادرة بداية لنهاية الحرب، أم أنها مجرد خطوة أخرى في مشهد دبلوماسي معقد؟