في خطوة مفاجئة لم يكن يتوقعها العديد من المسؤولين داخل فريقه، أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن تعيين بيت هيغسيث، المذيع في قناة فوكس نيوز والمحارب القديم في الجيش الأميركي، وزيرًا للدفاع في إدارته المقبلة. هذا الاختيار أثار دهشة واسعة داخل الدوائر السياسية، حيث لم يكن اسم هيغسيث من بين الأسماء المتداولة أو المرشحة لهذا المنصب الحيوي.
ووفقًا لمصادر مقربة من فريق ترامب، أُعرب عن صدمة شديدة لدى العديد من المسؤولين، بما في ذلك بعض أعضاء وزارة الدفاع، الذين فوجئوا بالقرار المفاجئ الذي جاء في وقت متأخر من مرحلة التحضيرات لإعلان التعيينات الوزارية. أحد المسؤولين قال: “كان هناك شعور بالإرباك داخل الفريق، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يتخذ ترامب هذا القرار في اللحظة الأخيرة”.
خلفية هيغسيث العسكرية والإعلامية
يعود اختيار ترامب إلى العلاقة الطويلة التي تجمعه بهيغسيث، والتي بدأت من خلال الدعم الذي قدمه المذيع اللامع للعديد من مواقف ترامب السياسية. ولكن إلى جانب الصداقات والعلاقات الشخصية، يتمتع هيغسيث بخلفية عسكرية متميزة. فقد خدم في الجيش الأميركي خلال مهمات في أفغانستان والعراق، حيث اكتسب سمعة قوية كمحارب قديم ذو خبرة واسعة في القضايا الدفاعية.
بعد خدمته العسكرية، انتقل هيغسيث إلى العمل الإعلامي، حيث أصبح وجهًا مألوفًا على قناة “فوكس نيوز”، وهو معروف بآرائه المثيرة للجدل بشأن قضايا الدفاع، مثل معارضته لتجنيد النساء في الأدوار القتالية وانتقاده لبرامج التنوع في الجيش. في كتابه الأخير “الحرب على المحاربين”, دعا هيغسيث إلى تغييرات جذرية في سياسات الجيش الأميركي، معتبرًا أن تركيز الجيش يجب أن يكون على الكفاءة القتالية بدلاً من أولويات التنوع أو الشمولية.
الانتقادات والتحفظات: اختبار مجلس الشيوخ
وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين ترامب وهيغسيث، من المتوقع أن يواجه تعيينه صعوبة في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ، خاصةً مع وجود بعض الأصوات المعارضة في الحزب الجمهوري نفسه. السيناتورة ليزا موركوفسكي من ألاسكا أعربت عن دهشتها بالقرار، فيما أشار السيناتور تود يونغ من إنديانا إلى أنه يود الاطلاع على المزيد من التفاصيل بشأن رؤية هيغسيث لمنصب وزير الدفاع قبل اتخاذ موقف نهائي.
قد يشكل موقف هيغسيث المناهض لبعض السياسات العسكرية الحالية، مثل معارضته لتجنيد النساء في القوات القتالية، عاملًا رئيسيًا في إثارة الجدل حول تعيينه. على الرغم من أن الجمهوريين يشكلون الأغلبية في مجلس الشيوخ، إلا أن ترامب يحتاج إلى تأييد جميع الأعضاء الجمهوريين لتأمين الموافقة، خصوصًا في ظل بعض التحفظات داخل صفوفهم.
هل هيغسيث الأختيار الصحيح لوزارة الدفاع؟
تعيين هيغسيث يعد جزءًا من استراتيجية ترامب الهادفة إلى تعيين شخصيات غير تقليدية بعيدًا عن الدائرة السياسية المعتادة. ومن المرجح أن يعكس اختيار هيغسيث توجهات ترامب في تعزيز سياسة “أميركا أولًا” في مجال الدفاع، والتي تشمل تقليص التدخلات العسكرية الخارجية والتركيز على استعادة التفوق العسكري الأميركي.
لكن بينما يُنظر إلى هيغسيث كخبير في القضايا العسكرية بفضل خلفيته في الجيش وخبراته الإعلامية، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت رؤاه تتماشى مع تطلعات الجيل الجديد من القادة العسكريين الذين يرون ضرورة التأكيد على التنوع والشمول في القوات المسلحة.
إستراتيجية ترامب الدفاعية: التحديات والفرص
إحدى الأبعاد المثيرة التي قد يحملها تعيين هيغسيث هي تأثيره على السياسة الدفاعية لإدارة ترامب. فبينما يملك هيغسيث دعمًا واضحًا من ترامب، إلا أن التحديات المتمثلة في علاقاته مع بعض الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ قد تؤثر على قدرته على تنفيذ سياسات الدفاع الطموحة التي يعتزم الرئيس المنتخب تطبيقها.
إضافة إلى ذلك، تزايد الحديث حول ضرورة تحديث استراتيجيات الدفاع الأميركية في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، مثل التنافس المتصاعد مع الصين وروسيا. ولذا فإن قدرة هيغسيث على التكيف مع هذه البيئة المعقدة سيكون عاملًا حاسمًا في نجاحه في هذا المنصب.
على الرغم من الجدل المحيط باختيار هيغسيث وزيرًا للدفاع، فإن قرار ترامب يسلط الضوء على استراتيجيته في تعيين شخصيات غير تقليدية، وهو ما قد يكون له تأثير عميق في تشكيل سياسة الدفاع الأميركية في السنوات القادمة. ومع تزايد التحديات السياسية والمهنية التي يواجهها هيغسيث في مجلس الشيوخ، سيكون من المثير متابعة تطورات هذا الملف في الأيام المقبلة.